- فوز المغرب وإسبانيا والبرتغال باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030
- فدائي الصالات يستعد لتصفيات كأس آسيا
- الاتحاد الخليجي لكرة القدم : نبارك للأشقاء في المغرب على استضافة كاس العالم 2030
- فيديو: الشجاعية والهلال .. الاتجاه المعاكس في الدوري الممتاز
- الاتحاد الآسيوي: المكبر يخسر أمام النهضة العماني برباعية
- جدول مباريات الجولة 4 من دوري المحترفين
كتب أحمد العلي " جريدة الأيام "
"كريستيانو" ملك خلاطات الباطون و"ميسي" جزّار في ملحمة والده
"روني" يستكمل دراسته الجامعية و"كاكا" قهوجي على قارعة الطريق
لا بدّ أنّ العنوان يبعث إلى الحيرة والاستغراب وجزء منه يدلّ على الطرافة والدُعابة، ولكن الأهم من ذلك، أن مضمونه يعكس واقع النسبة الأكبر من لاعبي كرة القدم في فلسطين، وهنا تأتي أهمية طرح السؤال في عنوان الإشارة، ولو أردنا البحث في إجابته النموذجية وبما يدعو للحسرة، فإنّ نجوم الكرة المذكورين أعلاه وغيرهم لا يطيب لهم تمضية إجازاتهم السنوية إلّا في أرقى أماكن السياحة في العالم.
فتراه ينطلق مع زوجته وأولاده أو صديقته، ليقابل مشاهير العالم كما حصل مع ميسي ولقائه بالرئيس الأمريكي باراك أوباما الصيف الماضي، ولا ضير أن يتابع بعض مباريات التنس الأرضي لنجوم اللعبة وآلات التصوير تكاد لا تفارق وجوههم، ولنا في كاسياس حارس ريال مدريد وغيره مشاهد متكررة في ذلك.
كل هذا قبل أن ينطلقوا إلى أجمل شواطئ العالم في أجواء صيفية معتدلة -كما هو حال كريستيانو رونالدو- ينفقون الملايين من الدولارات خلال أيام قليلة قبل عودتهم إلى أجواء الساحرة المستديرة وخوض المنافسات من جديد.
تلعب طبيعة عقود هؤلاء اللاعبين وامتيازاتها دوراً بالغ الأهمية في كيفية تأمين حياتهم لسنوات طويلة، انطلاقاً من كون اللاعب يتحوّل بشكل كامل إلى موظّف لدى ذلك النادي، كما أي موظّف في أي شركة تجارية أو مؤسسة حكومية، ويستمر راتبه الشهري طالما استمر الموظّف على رأس عمله.
نعكس هذا الحال على واقع كرة القدم في الدوري الفلسطيني، وما يعانيه معظم اللاعبين من غموض في مستقبلهم الكروي، يدفع بالكثيرين خلال منافسات الموسم الرياضي وبعد انتهائه، للبحث عن فرص عمل مرادفة تكون كفيلة بتأمين حياتهم، خاصة مع ما تعانيه الأندية أصلاً من ضعف في تأمين مستحقّات اللاعبين التي بدأت تتراكم موسم بعد آخر، وهناك من اللاعبين من تحوّل إلى جمعية إقراض للأندية وله استحقاقات مالية لدى عدّة أندية سبق وأن لعب لها خلال مواسم مختلفة، أضف إلى ذلك هو انقطاع راتب اللاعب مع انتهاء مباريات الدوري حتى ولو لم تنتهِ مدة العقد بحجّة توقّف المنافسات.
خلال منافسات الموسم الماضي من دوري "جوال" للمحترفين، كان لصورة كامل بدر لاعب إسلامي قلقيلية تأثير كبير على الشارع الرياضي الفلسطيني، حين عرض صورة عبر صفحة الفيسبوك الخاصة به، يظهر فيها لاعب منتخب الشباب وهو داخل ورشة للقصارة، مرتدياً ثياباً متّسخة ومليئة بالغبار، فكانت من الصور الحقيقية التي تعبّر عن واقع صعوبة الرياضة في فلسطين، والتي يُقال عنها في فلسفة الصحافة بأنها "صورة تعدل ألف كلمة".
ولا يختلف الأمر مع حارس مركز جنين طارق جمعة الذي يكاد لا يفارق ملحمة والده، فيعمل فيها ببيع اللحم، والذي يؤمن بداخله أنّ يوم عمل داخل الملحمة يؤمّن قوت يومه، يعدلُ موسماً رياضياً كاملاً من التعب دون حمداً أو شكوراً، وهناك آخرون لا يسدّ حاجاتهم سوى الوقوف خلف "خلاطات الباطون"، وغيرها من الأعمال المهنية ولسنا في معرض ذكر أمثلة أخرى وهي كثيرة ولكن قد يسبّب ذلك الحرج للبعض.
ولكن في المقابل هناك بعض اللاعبين الذين يأمّنون مستقبلهم بطرق أخرى، أمثال إسلام رضوان لاعب إسلامي قلقيلية الذي يستكمل حالياً دراسة الماجستير، أسوة بوسيم عقاب لاعب مركز بلاطة، إلا أنّ عقاب وجمعة وبدر وغيرهم يؤمنون جميعهم، بأنّ كرة القدم في فلسطين حتى اللحظة، لا تستطيع أن تكون الطريق السليم في تأمين مستقبل زاهرٍ وآمنٍ لهم.
العديد من اللاعبين بدؤوا التفكير بشكل أكثر ذكاء لتأمين مستقبلهم بطريقة أفضل، ممّن التحقوا بفريق القوات الفلسطينية الصاعد إلى دوري الدرجة الأولى، خاصّة وأنّه تم تفريغ العديد منهم وبالتالي تحوّلوا إلى موظفين رسميين، أمثال أحمد شبيطة وعلاء يامين وغيرهما، ولا أستبعد أن نرى العديد من اللاعبين الآخرين يفكرون بالانضمام للقوات في الفترات القادمة.
وأخيراً إذا كان ليونيل ميسي يقابل الرئيس الأمريكي داخل البيت الأبيض، فكامل بدر يقابل رئيس ورشة العمل تحت أشعة الشمس الحارقة، وإذا كان واين روني يتناول أشهى اللحومات فهي بلا شك تمرّ بين يدي طارق جمعة، وإذا كان رونالدو يحتسي أطيب المشروبات في منتجعات الكاريبي، فلاعبونا لا يفارقون عربة الشاي بالنعناع على قارعة الطريق تحضيراً وبيعاً واحتساءً.