ملف شائك : الديون على الأندية أم الإدارات ؟

الجمعة 2014-05-30 02:22:56 تعليقات: 0
ملف شائك  الديون على الأندية أم الإدارات

فوتبول – محمد عوض

ديون الأندية الفلسطينية بالملايين والتعاقدات الجديدة تظهر بانتخاب هيئات إدارية جديدة

لاعب محترف انتقل إلى أحد أندية المقدمة في دوري المحترفين ، وغادره تاركاً له مبلغاً من المال كدين على النادي ، وانضم بعدها لفريق آخـر من المحترفين أيضاً ، وأجبر على التنازل عن مستحقاته المالية تلقاء حصوله على ورقة الاستغناء ، مع أنه كان جالساً على دكة الاحتياط ، لكن إدارة النادي وجدت بطلب رحيله فرصة ثمينة ، لوضعه أمام خيارين ، إما التنازل والرحيل  أو البقاء على الدكة والراتب حتى الفرج !

قبل فترة طويلة نشر الزميل منذر زهران تقريراً أو بالأحرى تحقيقاً صحفياً عن مستحقات لاعبين على الأندية الفلسطينية ، ومع أن ما نُشر مضى عليه فترة زمنية طويلة ، إلا أن المستحقات التي تحدث عنها ، في معظمهم لم تسدد لغاية اللحظة ، ومنها شكاوى عالقة في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، ربما لا تكون كثيرة ، لكنها موجودة ، ولست أمتلك معلومات دقيقة عن عددها يمكن نشرها .

ديون الأندية بالملايين

دار حديث هاتفي بيني وبين أداري في نادٍ محترف ، وقال لي بأن ديون فريقه تجاوزت النصف مليون دولار منذ عودة النشاط الرياضي إلى فلسطين ، وخلال إجراء تحقيق صحفي لم أنشره بعد أخبرني مدير تنفيذي لفريق متوج بلقب دوري المحترفين ، بأن ديون فريقه بلغت قرابة مليون ونصف شيقل ، أي أن ديون كلا الفريقين بلغت أكثر من ثلاثة ملايين شيقل ، أتحدث هنا عن فريقين فلسطينيين فقط .

الأمـر لا يدعو للدهشة والاستغراب ، فهو ليس شيئاً مخفياً إلى حد بعيد ، بل بالإمكان الحصول عليه ، والوصول له بطرق الأبواب المفتوحة ، ومع أن البعض رفض الحديث عن هذا الموضوع إلا أننا يجب أن نلفت في هذا السياق ، ونؤكد حقيقة ما تحدثت به ، وذكرته في العنوان ، بأن الديون وصلت إلى ملايين الشواقل ، والأزمة تتفاقم موسم بعد موسم ببقاء التفكير كما هو عليه ، والسياسية واحدة .

الفترة الذهبية للتنازلات

 مرحلة الانتقالات الصيفية القائمة حالياً ، هي فترة ذهبية بالنسبة للأندية التي تريد التخلص من اللاعبين الذين يرتبطون بعقود طويلة تمتد لعدة سنوات ؛ فأي لاعب يريد فسخ تعاقده ، وله ديون على ناديه ، فلن يمر الأمـر مرور الكرام ؛ فإنه يخير بالتنازل عنها مقابل منحه ورقة الاستغناء ، والبحث عن مستقبله ، فاللاعب في هذه الحالة ينظر بالعادة إلى المدى البعيد ، وأنه يريد البحث عن وجهة جديدة ، قد يستطيع من خلالها إظهار قدراته ، وتعويض ما فاته مالياً ونفسياً خلال الفترة السابقة .

لا يمكن إنكار أن للأندية حق في الحفاظ على العقود التي أبرمتها ، لكن الأندية أيضاً مطالبة بالوفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها في هذا العقد ، والإخلال به من طرف ، سيخلق إشكالية بين الطرفين بكل تأكيد ، لأنه يمس الطرفين ، وعلى هذا الحال ، فإن إشكاليات عديدة وجدت بين الأندية واللاعبين ، ومنها ما ظهر على وسائل الإعلام ، ومنها آخر ما نشرت عن حارس مرمى منتخب الشباب نعيم أبو عكر وديونه على أهلي الخليل .

البقاء ببقاء الرئيس

أكثر من لاعب صرح مؤخراً ، بأن بقائه في صفوف الفريق الفلاني مرتبط ببقاء رئيس الهيئة الإدارية في منصبه ، وربط مستقبله كلاعب ، بمستقبل رئيس النادي ، وهذا الموضوع يرتبط ارتباطاً وثيقاً بموضوعنا ؛ فاللاعب فعلياً يريد من يدفع له راتبه أولاً بأول ، وهذا حق بكل تأكيد، واللاعب أيضاً لا يريد أن يأتي لفريق لا يعطيه راتبه ، وهو أيضاً لا يسعى لتجريب هيئة إدارية جديدة قد لا يرتاح في التعامل معها .

اللاعبون الذين وجدوا شخصاً مختلفاً عن البقية يمكن له دفع راتبهم بانتظام ، فإنه لأمر طبيعي أن يتمسكوا به ، بل إن هذا يخلق حالة من الانتماء الكبير من قبل اللاعب تجاه رئيس النادي ، وتجاه أموال رئيس النادي أيضاً ، فالأزمة المالية الخانقة في معظم الفرق ، تجعل اللاعب والمدرب يفكر في موضوع راتبه ، وكيف يحصل عليه بانتظام ، وفي حال وجد مبتغاه ، فإنه لن يفكر بالرحيل بسهولة .

تعاقدات جديدة بإدارة جديدة

المفر من الأزمة المالية الخانقة ، والعجز على إبرام صفقات ترضي الجماهير ، يكمن في انتخاب هيئة إدارية جديدة ، تكون قادرة على ضخ الأموال في النادي ، فالإدارة التي سبقت تكون قد دفعت كثيراً ، وعجزت عن دفع المزيد من الأموال في السنة اللاحقة ، فالأشخاص ليسوا بنوكاً متنقلة ، والإداري الذي يمتهن جمع الأموال من المشجعين لإدارة جزء من الأزمة ، فإن هذا الشيء المرهق يجعله لا يحتمل القيام به على مدار سنوات طويلة .

بمجرد انتخاب هيئة إدارية جديدة للنادي ، فإنها تشرع لإبرام تعاقدات جديدة لإرضاء الجماهير ، ولبناء الفريق مجدداً ، فمثلاً إدارة أهلي الخليل برئاسة الشريف الجديدة تحملت على عاتقها التعاقد مع مجموعة من اللاعبين الجدد ، وكذلك بدأت إدارة الأمعري برئاسة عباس في إبرام تعاقدات جديدة ، وتعمل إدارة شباب الظاهرية الجديدة برئاسة الجبارين على تجديد تعاقد اللاعبين المميزين الذين خاضوا غمار الموسم الماضي .

أوضاع الأندية الفلسطينية صعبة للغاية ، خاصة أندية المحترفين ، وجميعها تعمل على إدارة الأزمـة الراهنة بأية طريقة حتى ولو كانت لا ترضي ضمائر الإداريين ، لكنها تكون مجبرة على ذلك ، وهي تدرك بأن التوصل إلى حل حاسم ونهائي بهذا الشأن أمر في منتهى الصعوبة ، ولذلك ففي كل موسم يتطلب على النادي إيجاد مجموعة من الأشخاص لإدارة أزمته إلى حين معين ، وتسليم المهمة لرجال جدد .

ديون على الأندية أم الإدارات ؟

ديون اللاعبين على الأندية أم على الهيئات الإدارية ؟ الموضوع كالتالي : إذا كان للاعب معين ديون على نادٍ معين وقت وجود إدارة معينة ، ثم ترحل هذه الإدارة ، وتأتي إدارة جديدة ، فيتوجه اللاعب للإدارة الجديدة للمطالبة بمستحقاته ، فتقول له الإدارة الجديدة بأنها غير مسؤولة ، ويجب عليه التوجه للإدارة التي اتفق معها ؛ وهذا ما يجعلنا نطرح تساؤلاً عما إذا كانت الديون على النادي أم على الإدارة ؟

لاعب خط وسط ثقافي طولكرم حسب العلي ومهاجم الأمعري جمال علان وحارس الأمعري مصطفى زيادة ، وجهت لهم هذا السؤال ، وأجمعوا بأن الديون بالتأكيد على النادي ، وهذا هو المنطق ، لكن لماذا تصر بعض الهيئات الإدارية على الهرب من هذا المنطق ؟ والأمثلة حاضرة وكثيرة ، ولكنني لن أتطرق لذكرها في هذا التقرير ، وربما يكون الحديث مخصص أكثر في تقارير أخرى – إن شاء الله – عن هذا الموضوع .

وقال العلي بأن تحمل مسؤولية النادي من قبل أشخاص أمر بالغ الصعوبة ، لذلك فإن ناديه مثلاً لم يجد من يترشح لحمل الأعباء ، ولأن الأشخاص لم يجدوا دعماً حقيقاً من مؤسسات المدينة ، مشيراً إلى أن "العنابي" كما يحلو لعشاقه تسميته ، وصل إلى حالة صعبة ، لافتاً إلى أن لاعبين مثل الحارس رامي حمادة لم يجد من يدفع له مستحقاته ، فاضطر للبحث عن وجهة جديدة ، والتوقيع لشباب يطا .

أما علان ، فيرى بأن الإدارة حينما تستقيل ، تقوم بتوضيح الجانب المالي ، وحجم الديون ، وعرض التقرير المالي ، وتسلمه للهيئة الإدارية الجديدة التي تقبل بها ، وتبدأ في تنفيذ مهامها المنوطة بها ، وأضاف : "على من يأتي لإدارة النادي أن يسدد الديون السابقة ، لأنه يعلم بها قبل تسلمه المنصب ، وذلك عند عرض التقرير المالي والإداري ، هذه الأمـور تكليف صعب ، وليست تشريف فحسب" .

بالنسبة للحارس زيادة ، فأوضح بأن اللاعب يرتبك كثيراً عن انتخاب هيئة إدارية جديدة ، لأن مصير مستحقاته يصبح مجهولاً على حد قوله ، وتابع : "هذا الموضوع يعاني منه اللاعب في معظم الأندية ، وأنا كلاعب أتمنى من الإدارة ألا تضع اللاعب في متاهة كيف يحصل على مستحقاته المتأخرة ، هذه الإشكاليات تعود بالسلب على اللاعب ونفسيه ، وبالتالي يقل عطائه داخل المستطيل الأخضر" .

ختاماً ، من أجمل ما قرأت "لولا الخطأ ما أشرق نور الصواب" ، وعلى الهيئات الإدارية ، بل كل شريك في ما آلت إليه أوضاع الأندية ، وعلى رأسها الاتّحاد الفلسطيني لكرة القدم ، الوقوف عند الأخطاء ، والاتّحاد إذا رأى بأنه لم يقترف هذه الأخطاء ، وليس مسؤولاً عنها ، ولا شريكاً فيها ، فإنه يجب أن يتأكد بأن بقاء وتطور الرياضة الفلسطينية مرتبط بتصحيح أي خطأ ، وكلمة الاتحاد بالنسبة للأندية وخاصة في الجانب المالي يجب أن تكون هي العليا ، وإلا فإننا سنشهد انهيار أندية ، كالأندية التي انهارت سابقاً ، وهي الآن ليست مصنفة حتى .

داخل الخبر تحت التفاصيل