المتلقي والتحول الرقمي

الإثنين 2025-02-03 15:53:50 تعليقات: 0
المتلقي والتحول الرقمي

د. سلطان عدوان:

 

غيرت الثورة التكنولوجية العديد من المفاهيم المتعلقة بالإعلام والاتصال، حيث بات الاتصال معروفاً بأنه نقل وتبادل المعلومات والأفكار والاتجاهات والميول والعواطف من المرسل إلى المستقبل عبر بث الرسائل المتنوعة واستقبالها من خلال النظم الرقمية ووسائلها المختلفة الأكثر تنوعاً وتفاعلاً لتحقيق أهداف التأثير وتعديل الاتجاهات والسلوك.

ويستقبل المتلقي الرسالة ويفسرها وينقح رموزها ويدرك معانيها بحسب عدة عوامل من بينها السمات الشخصية والمستوى التعليمي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، والنوع والخبرة المشتركة مع المرسل، والظروف المحيطة والدافعية للمعرفة، وهذا يؤكد ضرورة التعرف على خصائص الجماهير التي صنفها العلماء إلى عدة أنواع أبرزها العنيدة والحساسة واللامبالية والمهتمة.

مزايا التحول الرقمي:

ساهم التحول الرقمي في تطور وسائل الاتصال وفاعليته، ووفر العديد من أدوات صناعة المحتوى في ظروف اتصالية مختلفة من حيث الشكل والتوقيت والمضمون، كما أثر بشكل كبير على دور المتلقي وهو الحلقة الأبرز في مكونات الاتصال (المرسل والمستقبل والرسالة والوسيلة والتغذية الراجعة)، وحوله من السلبي إلى الإيجابي، ومن المستهلك إلى المنتج.

وأصبح المتلقي عنصراً مهماً يتمتع بالقدرة على التفاعل الفوري مع المحتوى عبر التعليقات والمناقشة والمشاركة في صناعة الرأي العام مستفيداً من حدود الحرية التي فرضتها وسائل الإعلام الجديد.

كما عزز التحول الرقمي وتطور وسائل الإعلام وأدواته من اختيار المحتوى الذي يتناسب مع اهتمامات المتلقي وأوقات فراغه، وبالتالي أصبح مشاركاً حيوياً في عملية الاتصال، وصانعاً للمحتوى في كثير من الأحيان، ومن المؤكد أن يزداد تأثيره مع مرور الزمن مع التطورات التكنولوجية المتسارعة في هذا المجال.

فاعلية المتلقي ومهاراته:

 يحتاج المتلقي إلى القدرة على استخدام محركات البحث والتكيف مع الأدوات الرقمية، وتحليل المحتوى، والتمييز بين المعلومات المناسبة والتأكد من مصدرها وصحتها.

كما يحتاج إلى مهارة تنسيق الوقت وتنظيمه، والتعامل مع المحتوى الرقمي المناسب، والاستفادة منه بشكل فعال يتناسب مع اهتماماته وتفضيلاته، والبحث عن المعلومة باحتراف لتجنب الإرهاق العقلي والنفسي والتوتر، وإدمان التعرض للمنصات الرقمية.

إلى جانب ذلك ضرورة الوعي بالمخاطر المرتبطة بالأمن الرقمي وحماية الخصوصية لضمان عدم التعرض للاحتيال والسرقات والمردود السلبي.

ومع توفر المقومات السابقة لدى المتلقي سيكون أكثر ادراكاً وفهماً للرسالة الموجهة له وتلك التي يبحث عنها لزيادة المعرفة، في ظل الثورة المعلوماتية، وستزداد فاعليته عندما يكون قادراً على المشاركة بإيجابية والتمييز بين المحتويات المهمة والضارة.

تحديات تواجه المتلقي:

قد يواجه المتلقي العديد من التحديات التي تؤثر على عملية الفهم والإدراك والاختيار والتعامل مع المحتوى الرقمي وتحديد الأولويات.

من بين هذه التحديات انتشار الاخبار المشوشة والكاذبة غير الخاضعة لمعايير الصحافة المهنية، والتعرض لكم من المعلومات المغلوطة مما يؤدي إلى تضليل الرأي العام، وتشويش الفهم حول العديد من المواضيع المهمة.

ومع تطور المحتوى وأساليبه قد يواجه المتلقي صعوبة في تحديد المعلومات المحايدة والمتوازنة والأكثر أهمية بالنسبة له، وهذا يؤدي إلى الإرهاق والتفكير الزائد في المتابعة.

وقد تؤدي تطورات التقنيات الحديثة والتطبيقات الرقمية إلى تعرض المتلقي لمخاطر الاختراق وعدم حماية الخصوصية، وعدم قدرة البعض على التكيف مع الجديد والوصول إلى المعلومات والتفاعل معها.

والخلاصة أن أهمية التحول الرقمي أضاف الكثير لمكونات العملية الاتصالية وعلى رأسها المتلقي أو المستقبل بعد أن مهد له الطريق للحصول على كم متدفق من المعلومات عبر المنصات التفاعلية بسرعة فائقة، ومنحه فرصة المشاركة المباشرة والفورية دون التقيد بالرقابة والحدود الزمانية والمكانية.

 

داخل الخبر تحت التفاصيل