الخميس 2025-12-11
12:59:47
تعليقات: 0
غزة/ كتب حسام الغرباوي:
في مشهدٍ فلسطينيٍ يزدحم بالتحديات السياسية والانقسامات الداخلية، تبرز الرياضة كأحد أهم الأسلحة الناعمة التي حافظت على وحدتها وبقيت خارج دوائر التجاذبات الحزبية. لقد شكّلت الرياضة الفلسطينية عبر السنوات مساحة نقية للتلاقي، تحمل علمًا واحدًا وهوية واحدة، وتجسد إرادة شعبٍ يصرّ على الحياة والإنجاز رغم كل الظروف.
ومنذ تولي سيادة الفريق جبريل الرجوب قيادة سفينة الرياضة الفلسطينية، تعزز هذا المفهوم بشكل واضح، حيث عمل بثبات على حماية الرياضة من التسييس، رافضًا رفضًا قاطعًا إدخالها في دهاليز الحزبية التي تمزق ولا توحد، وتفرق ولا تجمع. لقد فتح أبواب الرياضة أمام الجميع، دون تمييز أو محاباة، ليكون معيار الانضمام للمنتخبات الوطنية هو الكفاءة والانتماء للوطن، لا الانتماء للحزب أو التنظيم.
هذا النهج الوطني أعاد للرياضة دورها الحقيقي: مساحة جامعة، تعبر عن الهوية الفلسطينية، وتجسد رؤية راسخة نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ورغم هذا النهج الواضح، تتصدر أحيانًا بعض الانتقادات التي تنحاز للحزبية الضيقة، محاولة التشويش على الحالة الرياضية المتقدمة التي تعيشها فلسطين، وهذه الأصوات لا تخدم إلا الاحتلال الإسرائيلي، الذي يعمل منذ سنوات على ضرب وحدة المؤسسات الفلسطينية وتشويه صورة النضال الرياضي الذي يمضي بخطى واثقة نحو التطور والنهضة في كل الاتجاهات.
فالرياضة، كما أثبتت التجربة الفلسطينية، لا يمكن أن تكون أسيرة لحسابات صغيرة، لأنها ببساطة عنوان كبير لوطن كبير، إنها رسالة تتجاوز الحدود، تعكس صمود اللاعب الفلسطيني الذي يرتدي قميص الفدائي ويمثل شعبًا بأكمله، لا فئة ولا حزبًا.
لقد أثبتت الرياضة الفلسطينية أنها قادرة على جمع أبناء الشعب تحت راية واحدة، وأنها المساحة الأكثر وضوحًا في التعبير عن الوحدة الوطنية، لا مكان فيها للجهوية أو الفئوية أو الحزبية المقيتة؛ مكانها الوحيد هو الولاء لفلسطين، والالتزام برفع اسمها عاليًا في كل محفل.
وهكذا، تبقى الرياضة الفلسطينية إحدى أهم أدوات النضال المعاصر، ورمزًا للوحدة الوطنية، وإحدى الصور المشرقة التي تمضي رغم كل محاولات التشويه والإرباك، نحو مستقبل تُصان فيه الهوية، ويتجسد فيه الحلم الفلسطيني بحرية وكرامة.
![]() |















