غزة/ كتب حسام الغرباوي

أراد أحد المشجعين السعوديين أن يختصر مباراة المنتخبين الفلسطيني والسعودي بعبارة ساخرة: «قهوتهم مشروبة»، في إشارة إلى أن الفدائي سيكون مجرد محطة سهلة في الطريق إلى ربع نهائي كأس العرب، لكن ورغم خسارة المنتخب الفلسطيني أمام المنتخب السعودي، بشق الأنفس في الوقت الإضافي إلا أن الفدائي قدّم ما يكفي ليُثبت أن “القهوة” ليست سهلة الشرب حين تكون فلسطينية المذاق، وأن المنتخب لم يعد لقمة سائغة.

دخل المنتخب الفلسطيني البطولة بثقة عالية، مدعومًا بمرحلة تطور واضحة على المستويات الفنية والذهنية والبدنية، وقد ظهر ذلك جليًا في الانسجام التكتيكي، والتنظيم الدفاعي، والصلابة الهجومية التي ميزت أداء الفدائي، رغم كل التحديات التي يضعها الاحتلال في وجه تطور الرياضة الفلسطينية ومحاولاته المستمرة لعرقلة مسيرتها.

ورغم الخسارة في المواجهة، إلا أن مسيرة الفدائي في دور المجموعات تركت صدمة إيجابية لدى المتابعين، بعدما فرض المنتخب شخصيته وقدم أداءً منضبطًا، ونجح في الإطاحة بمنافسين كبار، مؤكداً أنه لم يأتِ للمشاركة الشرفية، بل للمنافسة والصعود وتأكيد حضور كرة القدم الفلسطينية على الساحة العربية.

أما الوصول إلى ربع النهائي، فقد كان إنجازًا بحد ذاته يعكس حجم العمل والتطور الذي شهده المنتخب خلال السنوات الأخيرة. وبرغم عدم العبور إلى نصف النهائي، إلا أن الفدائي سجّل حضورًا مميزًا، وأثبت أنه يعيش واحدة من أفضل فتراته، مستندًا إلى روح قتالية تجسد طموح شعب بأكمله يقف خلفه في كل أماكن تواجده.

لم يتوقف الفدائي عند حدود الأداء الرجولي، بل قدّم كرة قدم حديثة تستحق الإشادة، تنظيم دفاعي أوقف هجمات خصوم أقوياء، وسرعة في التحول الهجومي أربكت من حاول السيطرة على المباراة، وعقلية قتالية ظهرت في كل كرة مشتركة. لقد أثبت اللاعبون أن فلسطين لم تعد “لقمة سائغة” لأي منتخب، وأن الفجوة مع المنتخبات الكبرى تضيق يوماً بعد يوم.

وختامًا…

قد يخسر الفدائي مباراة، لكنه لم يخسر احترام الملايين، ولم يخسر مكانته الجديدة في الوعي العربي، لقد أضحى منتخبًا يقاتل من أجل شعب عظيم، يحسب له ألف حساب، وأثبت أبناء فلسطين أن الإرادة أقوى من النتيجة، وأن من يستهين بهم اليوم سيقف غدًا مشدوهًا أمام إنجازاتهم القادمة، فالفدائي، مهما حدث، يظل مُرًّا على المنافسين