رجع الصدى في ضوء التحول الرقمي

الخميس 2025-02-13 16:50:44 تعليقات: 0
رجع الصدى في ضو التحول الرقمي

د. سلطان عدوان

ساهمت الثورة التكنولوجية في تغيير العديد من المفاهيم المتعلقة بالإعلام والاتصال، حيث بات الاتصال معروفاً بأنه نقل وتبادل المعلومات والأفكار والاتجاهات والميول والعواطف بين الأفراد والجماعات عبر بث الرسائل المتنوعة واستقبالها من خلال النظم الرقمية ووسائلها المختلفة الأكثر تنوعاً لتحقيق أهداف التأثير والتفاعل وتعديل الاتجاهات والسلوك.

ويعتبر رجع الصدى من الركائز الأساسية لعملية الاتصال كونه يمنح المرسل التعرف على ردود أفعال المتلقين ومدى استجابتهم وتفاعلهم مع الرسالة، وبالتالي تعديل الرسالة أو الوسيلة المناسبة لسماتهم العامة لتكون أكثر جاذبية وتأثيراً.

أنواع رجع الصدى:

في ضوء التحول الرقمي تعددت أنواع رجع الصدى بناء على الأدوات والمنصات الرقمية المستخدمة، من بينها الإيجابي الذي يعكس قبول المتلقين واعجابهم بالرسالة ومشاركتها، وهذا يعزز من ثقة المرسل ويزيد دافعيته لتكرار عرض الرسالة.

وهناك رجع الصدى السلبي المتمثل في اعتراض المتلقين على الرسالة ومضمونها، والتفاعل المحدود معها، والتعليقات السلبية والتقييمات الضعيفة، وهذا يتطلب إعادة تقييم الرسالة وتعديل محتواها، والوسيلة المستخدمة لنقلها.

أضف إلى ذلك رجع الصدى المحايد الذي لا يميل للنوعين السابقين، وبالتالي غياب التفاعل والاهتمام بالرسالة ومضمونها.

ومن ضمن التصنيفات رجع الصدى الفوري الذي يحدث أثناء إرسال الرسالة ويتمثل في الردود الفورية عليها، وهذا يمنح المرسل فرصة التعديل اللحظي بما يتناسب مع ردود أفعال الجماهير المستهدفة، وعلى عكس ذلك هناك رجع الصدى المتأخر الذي يحدث بعد فترة زمنية من إرسال الرسالة، لكنه قد يساعد في تقديم ردود عميقة حولها نتيجة التأني والتفكير الجيد بمضمونها.

وتظهر أيضاً أنواع أخرى مثل رجع الصدى الدائري المعبر عن التفاعل المثمر والمشاركة المستمرة في عملية التبادل بين المرسل والمستقبل، وهذا يحسن من فاعلية عملية الاتصال، ورجع الصدى غير المباشر الذي لا يأتي بشكل مباشر من المتلقين ويكون من مصدر خارجي، وقد يحمل ملاحظات غير رسمية من وسائط إعلامية مختلفة حول تأثير الرسالة.

أهمية رجع الصدى وخصائصه:

في العصر الرقمي أصبح رجع الصدى ورد الفعل أكثر تفاعلية وديناميكية ومرونة مما أدى إلى تغيير طبيعته كونه لم يعد محدوداً، ولم يقتصر على الردود التقليدية بل اتسع ليشمل التفاعل والتعليق والمشاركة والإعجاب والمناقشة بسبب انتشار المنصات الرقمية وتغيير طريقة تقديم المحتوى المثير والمتنوع.

إلى جانب ذلك يعتبر أداة مهمة لتحسين التواصل مع الجماهير المستهدفة وبناء العلاقة القوية والمستمرة والمتبادلة معها، وفرصة قوية لتحسين استراتيجيات التواصل وتغيير لغة التخاطب وتوظيف الرسائل.

كما يتميز بالسرعة حيث أصبح الحصول على الملاحظات وردود الفعل الفورية متاحاً بسهولة مما يعزز فهم الرسالة ومدى استجابة الجماهير والمساعدة في تحسين وتطوير الرسالة مستقبلاً وقدرتها على التأثير.

ومع تعدد المنصات الرقمية تنوعت طرق التفاعل عبر النصوص المكتوبة والصوت والصورة، ومكن ذلك الجماهير من تقديم ردود الفعل بأشكال مختلفة مما يعكس تفاعلًا أعمق وأكثر تنوعاً مع الرسالة.

كما سهل التحول الرقمي على المرسل التعرف على طبيعة ردود الفعل وحجم المشاركة والمشاهدة وتحليل بيانات الجماهير المستهدفة مما ساهم في عملية توظيف المنصات الرقمية بشكل أكثر تفاعلاً، وقياس مدى التفاعل مع المحتوى نظراً لمزايا التخصيص والتوجيه الذي توفره التكنولوجيا.

التحديات التي تواجه رجع الصدى

يواجه التعرف على رجع الصدى إشكاليات تتعلق بكمية المعلومات المتدفقة الذي قد يصعب معالجتها، والكم الهائل من ردود الأفعال في بعض الأحيان، مما يخلق صعوبة في تحليلها بشكل دقيق.

وتحليل ردود الفعل الرقمية لا يكون سهلاً بشكل مطلق بسبب التعليقات أو المشاركات السطحية والمبهمة، وعليه قد يصعب تحديد مصداقية تلك الردود التي ربما تكون مضللة أو محرفة.

والخلاصة أن رجع الصدى أصبح أكثر تعقيداً في ظل تطور وسائل الإعلام، وهذا يتطلب بذل المزيد من الجهد من قبل القائمين بالاتصال لتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتحقيق المرونة والتكيف مع ردود الأفعال المختلفة والاستفادة منها لتحقيق أهداف الاتصال الذي يعتبر التأثير وتعديل الاتجاهات على سلم أولوياته.

** دكتور: سلطان عدوان، باحث وكاتب صحفي فلسطيني.

داخل الخبر تحت التفاصيل