كتب أحمــد ســـلامة:

شهدت الأيام القليلة الماضية حالة من المد والجزر الزائد عن الحد إزاء قرار اللواء "جبريل الرجوب" رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بالتراجع عن مشروع القرار الذي تقدّم فيه لاتحاد كرة القدم الدولي (الفيفا)، والذي أثار غضب الكثيرين من الشباب ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن التراجع عن مشروع القرار جاء في اللحظات الأخيرة ممّا اعتبره الكثيرون مخيبا لآمال الشعب الفلسطيني.

الغريب أن السواد الأعظم ممن أبدوا امتعاضهم لا يعرفون عن الرياضة الفلسطينية إلا اسمها، وطالما اعتبروها على الهامش، ومع ذلك تحول جميعهم إلى مجموعة من المُنظّرين الذين يحملون همّ الرياضة الفلسطينية، ولو سألت أحدهم عن عدد لاعبي فريق كرة القدم سيتلعثم لسانه..

العاقل كان يعلم منذ البداية أن مطالبتنا بطرد إسرائيل من "الفيفا" أمرٌ يصعب تحقيقه على المدى القريب تحديداً، إلا أن هذه المطالبة بسقفها الكبير كانت ضرورية وواجبة ليعرف العالم أجمع مدى العنصرية والعنجهية التي يتبعها الاحتلال الصهيوني بحق الرياضة الفلسطينية والرياضيين، وضرورة الالتفاف حول هذا القرار لمزيد من التأييد ووضع الكيان تحت ضغط حتى وإن كان نفسياً، ثم أن هذه المطالبة ماذا كان هدفها تحديداً؟؟ أليس وقف الانتهاكات الصهيونية بحق الرياضية الفلسطينية، والسماح بحرية تنقل اللاعبين والكادر الرياضي، ووقف العنصرية..!!

فإذا كان اللواء الرجوب قد حصل على موافقة أكثر من 90% من كونجرس الفيفا على تنفيذ هذه المطالب عبر ضمانات دولية، فماذا يضير الأبواق التي صدحت جهاراً نهاراً تُشكك في وطنية الرجوب وتنازله عن المطلب الأساسي..

إن المتتبع للشأن الرياضي عن كثب يدرك تماماً أن الرجوب ربما لم يستطع قتل الناطور، لكنه جاء بالعنب.. وهو إنجاز كبير يُضاف لإنجازات جمّة تحققت في عهد الرجوب، الذي أكد ولا زال أن ما حدث في الفيفا، هو جولة من جولات الصراع الأبدي مع الكيان، وعليه يتم البناء والتحضيرات لجولات أخرى، يمكن من خلالها تحقيق مزيد من النجاحات والإنجازات..

شخصياً.. أعتقد أنه إذا أردت أن ثُطاع.. فاطلب المستحيل.. وهذا ما تحقق في كونجرس الفيفا، واستطاع اللواء الرجوب بكسب تأييد الجميع لتحقيق المطالب المرجوة من خلال إعلاء سقف المطالب –المستحيلة-، وهو ذكاء لن يقدر على فهمه واستيعابه السفسطائيين الذين زاد انتشارهم فجأة..

إن المناورة التي قام بها اللواء الرجوب تُثبت نجاعة الرجل في التصدي لجبروت الكيان واستبداده، وانتزاع حقوقنا الرياضية من بين أنيابه أمام العالم أجمع وبموافقة دولية من كونجرس الفيفا الذي صوّت بالإجماع على ضرورة تشكيل لجنة لمتابعة المطالب الفلسطينية بما يضمن تحقيقها على أرض الواقع..

على الهامش.. أعتقد أنه من الواجب أن يقوم اتحاد الكرة بتعيين ناطق إعلامي متميز قادر على مخاطبة الخارج والداخل، ومُحاكاة الآخرين بموضوعية ومهنية كبيرة.